كشفت مصادر غربية في واشنطن أمس, أن الولايات المتحدة ستطالب صنعاء بتسليمها الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي وصفته بـ"الأب الروحي" لزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن, على خلفية دوره في تجنيد 60 أميركياً وضمهم إلى التنظيم من خلال انخراطهم في "جامعة الإيمان" التي يرأسها, مرجحة أن يرضخ اليمن للضغوط الأميركية.
وأوضحت المصادر لـ"السياسة", التي تقاطعت معلوماتها مع تقارير صادرة عن مراكز بحثية مهتمة بقضايا الإرهاب والشأن اليمني, أن الأميركيين ال¯60 الذين ذكرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنهم تحولوا الى الإسلام أثناء وجودهم في السجون الأميركية وتوجهوا إلى اليمن للتدريب مع عناصر "القاعدة", انضموا إلى "جامعة الإيمان" وجرى استقطابهم إلى التنظيم بواسطة الزنداني.
وتوقعت أن تقوم واشنطن بتجديد مطالبة صنعاء بتسليمها الزنداني على خلفية ضلوعه في تجنيد الأميركيين بعد قضائهم فترة في "جامعة الإيمان" التي تعمل على تنشئة مئات الطلاب, من بينهم أميركيون, قبل انتقالهم إلى صفوف تنظيم "القاعدة" الذي يتخذ من محافظات مأرب وشبوة وأبين معاقل للتخطيط لعملياته الإرهابية.
ورجحت المصادر الغربية أن تؤدي مطالبة واشنطن بتسليم الزنداني في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها اليمن, الذي يخوض حرباً مفتوحة على "القاعدة" ومواجهات في الشمال مع المتمردين الحوثيين, بتوتير العلاقات بين البلدين, لأن القوانين اليمنية لا تسمح بتسليم أي يمني إلى جهة أجنبية لمحاكمته, خاصة أن المطلوب هو الزنداني الذي يعد واحداً من أهم الشخصيات الدينية في اليمن.
لكن المصادر لم تستبعد أن تضطر صنعاء التي ستكون في موقف حرج للغاية هذه المرة, في حال إصرار الولايات المتحدة, إلى استجواب الزنداني بمشاركة فريق محققين أميركيين للتأكد من صحة المعلومات التي ستعيد الزنداني وغيره, ممن كانت واشنطن قد طالبت اليمن بتسليمهم على خلفية اتهامهم بدعم وتمويل الإرهاب, إلى قائمة أبرز المطلوبين.
فالشيخ الزنداني المعروف بعدائه للولايات المتحدة, حشد الأسبوع الفائت نحو 150 من كبار رجال الدين لرفض أي تدخل أجنبي في اليمن بهدف شن حرب ضد عناصر "القاعدة", مهدداً بإعلان الجهاد.
ورأى مراقبون في ثنايا بيان العلماء, الذي بدت بصمات الزنداني فيه واضحة من خلال حدة فقراته, تعاطفاً واضحاً مع عناصر "القاعدة" وإن تلبس بالفتوى الدينية, على اعتبار أنه "جرم" العمليات التي وصفتها صنعاء ب¯"الاستباقية" واستهدفت عناصر التنظيم ما بين 17 و27 ديسمبر الماضي في محافظتي أبين وشبوة وقتل فيها 68 من "القاعدة" بينهم قيادات من الصف الأول, إذ اعتبر أن "ما حدث من قتل وسفك لدماء الأبرياء في أبين وشبوة وأماكن أخرى قتل خارج القضاء الشرعي ودون محاكمة عادلة", إضافة إلى أن الزنداني نفسه هاجم بشكل واضح الولايات المتحدة واعتبر أي تدخل مباشر لها في اليمن احتلالا واستعمارا.
ووفقاً لتحليلات مراكز دراسات غربية, فإن ما سيترتب على الطلب الأميركي بتسليم الزنداني أمور عدة, أبرزها أن على السلطات اليمنية إعادة النظر في الوضع الحالي ل¯"جامعة الإيمان" المتهمة بتخريج متطرفين, والتحقق من هوياتهم وبلدانهم ودراسة تاريخهم وارتباطاتهم بتنظيمات إرهابية ك¯"القاعدة", وإعادة النظر كذلك في مناهج الجامعة التي تدرس طلابها إضافة إلى العلوم الشرعية فنون القتال.
وقد يصبح نشاط الزنداني, وخصوصا مسألة معالجة مرضى الايدز القادمين من الخارج, موضع شبهة أيضاً يستدعي الرقابة الشديدة, إذ يمكن أن يوفر هذا النوع من النشاط تغطية لاستقبال الزنداني عناصر من "القاعدة" المتسترين بمرافقة المرضى, قبل أن يختفوا عن الأعين ليصبحوا مصدر خطر وقوة بيد التنظيم يعوض أي خسارة بشرية مع كل ضربة تنجح قوات الأمن اليمنية في توجيهها لعناصره مستقبلاً.
وكانت واشنطن طالبت صنعاء بتسليم الزنداني الذي تنظر إليه على أنه الأب الروحي لزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن, والمسؤول عن تفريخ الإرهاب وتمويل التنظيم وتجنيد المقاتلين والمساعدة على شراء الأسلحة.
كما أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمنع سفر الزنداني وتجميد أرصدته وأمواله والحجز على ممتلكاته, وهو ما اعترضت عليه صنعاء التي رفضت تسليمه إلى الولايات المتحدة, مطالبة بدليل لإدانته, بالتزامن مع نفيه شخصياً التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلاً.
يشار إلى أن تقرير لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بشأن ال¯60 أميركياً المشتبه بانضمامهم إلى "القاعدة", أكد أن المسؤولين الأميركيين على درجة عالية من التأهب, جراء التهديد المحتمل الذي يشكله المتطرفون الذين يحملون جوازات سفر أميركية.